من خلال هذا المقال سنحاول إيصال رؤية حول عمر أمة الإسلام إنطلاقا من عمر البشرية فوق الأرض، وإستنادا إلى سنن الله المعلومة في آجال الأمم، والتي منها السنن الممتنعة " إمتناع سبق أو إستأخار الأمم نهاية أجلها الذي أجله الله لها " مصداقا لقوله تعالى ﴿ مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ﴾([1])، سبق من السباق، إستأخر معناه أبطأ وتأخَّر، ومعناه أن الأمة ليس لها أن تسابق أجلها فتسبقه، وليس لها القدرة على تأخير موعد وصوله فتسبقه. ومنها " إمتناع إستأخار أو إستقدام الأمم موعد إنتهاء أجلها إذا جاء" مصداقا لقوله تعالى ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾([2])، ومعناه أن الأمة ليس بيدها التحكم في موعد إنتهاء أجلها، فلن تستطيع أن تستقدمه أي تكون بعده ولا أن تبطأه موعد إقترابه. ومنها السنن الجائزة في الآجال "جواز إستشراف قروب الأجل" مصداقا لقوله تعالى ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾([3]).
وما سأحاول إيصاله ليس معرفة متى الساعة لأنه درب من الخيال ، ولأن معرفة وقتها إستحالة عقلية وشرعية، مصداقا لقوله تعالى ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾([4])، وقوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾([5])، لكني سأحاول إعطاء مقاربة زمنية وفق ما ورد في بعض الأحاديث على بيان إقتراب موعدها، كما سأحاول إعطاء صورة ترتيبية زمنية للأحداث المتعلقة بأولي العزم من الرسل من خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، وفق سنة الله المعلومة الواجبة، وهي " وجوب الترتيب والتعاقب والتسلسل الزمني لوقوع الأحداث "، المستفادة من قوله تعالى ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾([6]).
من خلال إستقراء الأحاديث الصحيحة والحسنة وأقوال الصحابة وخاصة أقوال حبر الأمة ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه يتضح مايلي:
جاء في أمالي إبن منده رواية إبن حيويه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّمَا الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلافِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا يُعَذَّبُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِكُلِّ أَلْفِ سَنَةٍ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا يَوْمًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا هِيَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾([7])، فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أنَّ الثَّوَابَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مَعَهُمْ أَبَدًا" ([8]).
فالحديث مخبر عن خبر تناقله اليهود في المدينة عن عمر الدنيا وهي من الأخبار التي لا تصدق ولا تكذب، هؤلاء القوم الذين كان عندهم علم بخبر نبي آخر الزمان فقد روى أبو نعيم في دلائل النبوة" عَنْ نَمْلَةَ بْنِ أَبِي نَمْلَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي نَمْلَةَ ، قَالَ : " كَانَتْ يَهُودُ بَنِي قُرَيْظَةَ يَدْرُسُونَ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُتُبِهِمْ ، وَيُعَلِّمُونَ الْوِلْدَانَ بِصِفَتِهِ ، وَاسْمِهِ ، وَمُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَمَّا ظَهَرَ حَسَدُوا ، وَبَغَوْا ، وَأَنْكَرُوا "([9]).
ونقل الإمام السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو نعيم في الدلائل " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ يَهُودَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَبْعَثِهِ فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَرَبِ كَفَرُوا بِهِ وَجَحَدُوا مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ، وَدَاوُدُ بْنُ سَلَمَةَ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَسْلِمُوا، فَقَدْ كُنْتُمْ تَسْتَفْتِحُونَ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ وَنَحْنُ أَهْلُ شِرْكٍ، وَتُخْبِرُونَا بِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ وَتَصِفُونَهُ بِصِفَتِهِ، فَقَالَ سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ أَحَدُ بَنِي النَّضِيرِ : مَا جَاءَنَا بِشَيْءٍ نَعْرِفُهُ وَمَا هُوَ بِالَّذِي كُنَّا نَذْكُرُ لَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْآيَةَ ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾([10])"([11]).
فهل ما أورده اليهود من عمر الدنيا يستند إلى دليل معقول شرعا وعقلا ؟؟؟ هذا ما سنحاول إبرازه في هذا المقال.
جاء في المستدرك للحاكم وابن حبان في صحيحه "عن أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَبِيًّا كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ» قَالَ: كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟ قَالَ: «عَشْرُ قُرُونٍ» قَالَ: كَمْ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: «عَشْرُ قُرُونٍ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ؟ قَالَ: «ثَلَاثَ مِائَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَمًّا غَفِيرًا»"([12])
وجاء في البخاري "عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: فَتْرَةُ مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ" ([13]). وما رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ "عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجَزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنَّهَا تُؤَخَّرُ نِصْفَ يَوْمٍ قِيلَ لِسَعْدٍ وَكَمْ نِصْفُ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ خَمْسمِائَة سَنَةٍ"([14]).
وما نقله السيوطي في الدر المنثور "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ سَنَةٍ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَبَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ أَلْفُ سَنَةٍ، وَبَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ أَلْفُ سَنَةٍ، وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى سَبْعُ مِائَةِ سَنَةٍ، وَبَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى "ألف وخمسمائة ([15])" خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَبَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتُّ مِائَةِ سَنَةٍ»" ([16]). وما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق "عن أيوب بن عتبة قال: كان بين آدم ونوح عشرة آباء وذلك ألف سنة وكان بين نوح وإبراهيم عشرة آباء وذلك ألف سنة وكان بين إبراهيم وموسى سبعة آباء ولم يسم السنين وكان بين موسى وعيسى ألف وخمسمائة سنة وكان بين عيسى ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ ستمائة سنة وهي الفترة" ([17])
أما ما جاء في عمر آدم ألف سنة " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الدَّيْنِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام أَوْ أَوَّلُ مَنْ جَحَدَ آدَم إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، مَسَحَ ظَهْرَهُ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ ذارئ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ ذُرِّيَّتَهُ عَلَيْهِ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، كَمْ عُمْرُهُ ؟ قَالَ: سِتُّونَ عَامًا، قَالَ: رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ، وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ، فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَكَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ، وَأَتَتْهُ الْمَلَائِكَةُ لِتَقْبِضَهُ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ عَامًا، فَقِيلَ: إِنَّكَ قَدْ وَهَبْتَهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ، قَالَ: مَا فَعَلْتُ، وَأَبْرَزَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ "([18]).
وما ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه يوافق مجمل عدد السنوات الوارد ذكرها في الآية عن مدة مكوث نوح عليه السلام في قومه من قوله تعالى ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾([19])، " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَلَدَ متوشلخُ لمكَ وَنَفَرًا مَعَهُ، وَإِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَوَلَدَ لَمكُ نُوحًا، وَكَانَ لِلمكَ يَوْمَ وُلِدَ نُوحٌ اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانُ يَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِ مِائَةِ سَنَةٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، ثُمَّ دَعَاهُمْ فِي نُبُوَّتِهِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَمَرَهُ بِصِنَاعَةِ السَّفِينَةِ فَصَنَعَهَا وَرَكِبَهَا وَهُوَ ابْنُ سِتِّ مِائَةِ سَنَةٍ، وَغَرِقَ مَنْ غَرِقَ، ثُمَّ مَكَثَ بَعْدَ السَّفِينَةِ ثَلاثَ مِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً "([20]).
ومنه تتشكل معادلة حسابية لبعثة الأنبياء عليهم السلام وخاصة منهم أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وهي المحطات الكبرى في حياة البشرية:
من خلق آدم إلى بعثته (مدة مجهولة) + 1000 سنة (من بعثة آدم إلى بعثة نوح) + 1000 سنة (من بعثة نوح إلى بعثة إبراهيم) + 700 سنة (من بعثة إبراهيم إلى بعثة موسى) + 1500 سنة (من بعثة موسى إلى بعثة عيسى) + 600 سنة (من بعثة عيسى إلى بعثة محمد) + 1500 سنة (من بعثة محمد إلى آخر نفس مؤمنة تموت) + من نهاية أجل الأمة إلى قيام الساعة (مدة مجهولة).....(3)
الأسئلة المطروحة هل هناك زمن ما بين وفاة آدم وبعثة نوح ؟؟ ومتى بعث آدم نبيا ؟؟ وما هي المدة الزمنية المتبقية بعد إنتهاء أجل الأمة الإسلامية؟؟ ، والأجوبة على تردد في الإحتمال لكنها متقاربة وسنوردها لمعرفة علاقتها بالعدد 7000 سنة المشار إليه في الحديث.
ذكر إبن جرير في تاريخ الأمم والملوك " ثم ولد لمك نوحا بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة وذلك لألف سنة وست وخمسين سنة مضت من يوم أهبط الله عز و جل آدم إلى مولد نوح عليه السلام"([21])
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية " وَ نُوحُ بْنُ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خَنُوخَ ، وَهُوَ إِدْرِيسُ بْنُ يَرْدَ بْنِ مَهْلَائِيلَ بْنِ قَيْنَنَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى تَارِيخِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ يَكُونُ بَيْنَ مَوْلِدِ نُوحٍ وَمَوْتِ آدَمَ مِائَةٌ وَسِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ قُرُونٍ "([22])، ومنه نستتج مما سبق ذكره إفتراضين إثنين هما:
1. ما ذكر إبن جرير:كَانَ مَوْلِدُهُ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً.
2. ما ذكر إبن كثير: وَعَلَى تَارِيخِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُتَقَدِّمِ يَكُونُ بَيْنَ مَوْلِدِ نُوحٍ وَمَوْتِ آدَمَ مِائَةٌ وَسِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً.
الإفترض الأول: من وفاة آدم إلى بعثة نوح 126 + 480 = 606 سنة وهي السن التي بعث فيها آدم نييا وتكون المدة 394 سنة مكملة لعمره 1000 سنة، أما المدة التي بينه وبين نوح فهي كالتالي 394 + 126 + 480 = 1000 سنة (من بعثة آدم إلى بعثة نوح)، وحاصل الجمع للمعادلة (3) = 6906 سنة، ويكون الفارق 7000 – 6906 = 94 سنة من نهاية أجل الأمة إلى قيام الساعة
الإفترض الثاني: من وفاة آدم إلى بعثة نوح 146 + 480 = 626 سنة وهي السن التي بعث فيها آدم نييا وتكون المدة 374 سنة مكملة لعمره 1000 سنة، أما المدة التي بينه وبين نوح فهي كالتالي 374 + 146 + 480 = 1000 سنة (من بعثة آدم إلى بعثة نوح)، وحاصل الجمع للمعادلة (3) = 6926 سنة ويكون الفارق 7000 – 6926 = 74 سنة من نهاية أجل الأمة إلى قيام الساعة.
وهناك إفتراض آخر ورد في أحاديث" عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: خَرَجْتُ وَافِدًا فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ فَإِذَا مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ رَجُلٌ أَحْمَرُ كَثِيرُ غُصُونِ الْوَجْهِ , فَقَالَ لِي مُعَاوِيَةُ: تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: هَلْ تَعْرِفُ أَرْضًا قِبَلَكُمْ كَثِيرَ السِّبَاخِ يُقَالُ لَهَا كُوْثَى، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْهَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِلْأَشْرَارِ بَعْدَ الْأَخْيَارِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ، لَا يَدْرِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مَتَى يَدْخُلُ أَوَّلُهَا" ([23])، و" عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «يَمْكُثُ النَّاسُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عِشْرِينَ وَمِائَةً»" ([24])
وإذا إعتبرنا أن طلوع الشمس من مغربها تتزامن مع خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام علما أن مدة مكوث عيسى في الأرض 40 سنة كما أوردناه في المقاربة يكون الفارق 120 – 40 = 80 سنة من نهاية أجل الأمة إلى قيام الساعة. ومنه الحلول نجد أن الحلول متقارية فيما بينها بالإفتراضات الثلاثة التي أخذنا بها ، والإفتراض الثالث الوارد في الحديث محصور بين الإفتراضين الأول والثاني ، فيكون : 74 سنة < 80 سنة < 94 سنة، ولله علم غيب السماوات والأرض.
ويجدر الإشارة إلى أن خبر إقتراب الساعة كان على عهد موسى عليه السلام مصداقا لقوله تعالى في سورة طه ﴿ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ﴾([25]) أي بعد وصول البشرية نصف عمرها تقريبا. وعليه نقول أن أمر قيام الساعة لا يعلمه إلا الله وهو في علم الغيب عنده ، أما كونه قد إقترب فهو كذلك وقد بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مقربة من الساعة ففي صحيح البخاري ومسلم " قَالَ أَبُو حَازِمٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ: كَهَاتَيْنِ ، وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى"([26]) وإذا كان إقترابها مع بثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فماذا يقال بعد 1451 سنة من بعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأجلنا كما سبق ذكره في الحديث "عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، يَقُولَ: " إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ" ، ونحن أمة يسير عليها سنة الأجال كسائر الأمم مصداقا لقوله تعالى ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾([27]) .
والناظر إلى أعمار أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجد تناسبا بين أعمار الأفراد وعمر الأمة عموما. ونسوق الأدلة إنطلاق من الحسن الصحيح " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ، إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ»"([28])، ثم إعتبار معدل العمر الذي توفي فيه سيد البشر والخلافاء الراشدون من بعده كما روى مسلم " عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَعُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ"([29]). وأخيرا بالتأمل في قوله تعالى ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾([30])، ومن خلال ما سقناه فإن الآية السابق ذكرها تشير إلى أن الإنسان يبلغ أشده والتمام ورجاحة العقل عموما على تمام الأريعين " حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً "، فإذا قسمنا زمن هذه المرحلة من العمر على المعدل المتوسط العام المستفاد من عمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء من بعده نجد أن النسبة تقارب الثلثين : (40 ÷ 63) × 100 = 63,49 %.
وإذا طبقنا على أجل الأمة نفس المنطق الحسابي المستفاد من الحديث "عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجَزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنَّهَا تُؤَخَّرُ نِصْفَ يَوْمٍ قِيلَ لِسَعْدٍ وَكَمْ نِصْفُ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَالَ خَمْسمِائَة سَنَةٍ"([31]) سنجد أن النسبة تقارب الثلثين:(1000÷1500)×100=66,66 %.
ما أوردناه من حساب دليل على أن الأمر قدر إقترب، وأن الخلافة على نهج النبوة قد حان موعدها، وأننا في نهاية المرحلة الثانية من الحكم الجبري ، وأن الآحاديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحيحة والحسنة يكمل بعضها بعضا ولا تناقض فيما بينها، هذا وإن كنت قد أخطأت فإنما هي مقاربة محل إجتهاد ولا يعلم الغيب إلا الله.
([8]) أمالي إبن منده رواية إبن حيويه: حديث موقوف (حديث رقم 19) : قَالَ الشَّيْخُ : رَوَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ , عَنْ يُونُسَ , وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ , وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , نَحْوَهُ.، وساق الإمام القرطبي الحديث في تفسير الآية برقم 1411 " حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد, عن سعيد بن جبير أو عكرمة "
الرجاء عد الإساءة في التعليقات، فالله يسمع ويرى خارج الموضوع تحويل الاكواد إخفاء الابتسامات إخفاء