المقال الحادي والعشرين: تاريخ وحاضر ومستقبل - أرض الحجاز وبلاد الحرميين الشريفين على مشارف 1441هـ الموافق لـِ 2019م

كثير من الناس يعتقد أن الخلافة النبوية الآخرة لم يحن زمانها، لكني سأسوق وجهة نظر جديدة في الموضوع، وأوضح أن زمن الخلافة النبوية بات قريبا على أبواب سنة 1441ه الموافق لـِ 2019م، ولله علم غيب السماوات والأرض. إن الأحاديث عموما يجب أن تفهم في إطارين زمنين: الزمن التي ذكرت فيه (عهد النبوة) والزمن التي تحدث فيه (الخلافة الأولى، الملك العاض، الحكم الجبري، الخلافة الآخرة)  وبترتيب للأحاداث يظهر ويتضح موقع كل حديث من الزمن ويفهم المعنى الصحيح له والمقصود منه. ما نورده محل إجتهاد يحتمل الصواب والخطأ. وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله.

أرض الحجاز  في مرحلة النبوة.

عرفت أرض الحجاز مرحلة النبوة على أرضها ميلاد سيد البشر وخير خلق الله كلهم بمكة، بواد غير ذي زرع عند بيت الله المحرم في أرض الحجاز، وكان خبر بعثته ومولده سابقا بقرون كما أشرنا سابقا في معرض الحديث عن بلاد الشام، فكانت بداية هذه المرحلة من بعثته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التمام الأربعين من عمره كما دل الحدبث  كما ورد في صحيح البخاري عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وإنتهت مرحلة النبوة بوفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الإثنين 12 ربيع الأول لما بلغ من العمر 63 سنة بالمدينة المنورة، وكانت النبوة مرحلتان مكية ومدنية.

أرض الحجاز  في مرحلة الخِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ:

كانت بداية هذه المرحلة بعد وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلافة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه أمر المسلمين إلى غاية يوم الذي تخلى فيه الحسن إبن علي رضوان الله عنهما وعلى نبينا وآل نبينا الصلاة والسلام الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، ما عرف بيوم الجماعة، في مدة كان مقدراها ثلاثين سنة من الزمن مطابقا لما رواه الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:  «الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا» وفي رواية «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ».  كما كانت هذه المرحلة على فترتين من الزمن، كان الفاصل بينهما مقتل عمر ابن الخطاب، فاروق الأمة رضي الله عنه وأرضاه.

أرض الحجاز  في مرحلة المُلْك العَاض:

كانت هذه المرحلة من بداية حكم معاوية إبن أبي سفيان رضي الله عنه الملك من شهر ربيع الآخر لسنة 41 هـــ إلى غاية سقوط آخر سلطان عثماني. ونقل معاوية عاصمة الحكم من المدينة إلى الشام، وإنتقلت بعدها إلى العراق في عهد العباسيين، ثم عادت إلى الشام زمن المماليك، ثم كانت في آخر المطاف بالقسطنطينية في عهد العثمانيين. وكانت أرض الحجاز في هذه المرحلة إمارة من الإمارات الإسلامية، لكنها عرفت هذه الأرض مكانة كونها بلاد الحرمين الشريفين وملتقى المسلمين ومكان إجتماعهم. 

أرض الحجاز في مرحلة المُلْك الجَبْرِيَّة:

كانت هذه المرحلة من سقوط السلطنة العثمانية سنة 1327 هــ الموافق لــِ 1909م بعزل عبد الحميد الثاني من الحكم، وتآمر العرب المسلمين بإسم القومية تحت لواء الشريف حسين بن علي وابنه فيصل بن الحسين (فيصل الأول) على قيام ثورة ضد المسلمين الأتراك لتأسيس دولة عربية يكون الشريف حسين رئيسها. إنطلقت ما سمي الثورة العربية من مكة في 1916م، حيث أعلن الشريف الحسين بن علي سيادته على مكة والطائف وجدة ثم المدينة المنورة وقامت مملكة الحجاز في المنطقة. وكانت المملكة المتحدة البريطانية قد غرست جواسيس مثل توماس إدوارد لورنس (16 أغسطس 1888م-19 مايو 1935م) عميل وضابط بريطاني إشتهر بدوره لمساعدة القوات العربية خلال الثورة العربية عام 1916 ضد الدولة العثمانية عن طريق إنخراطه في حياة العرب الثوار وعرف وقتها بلورنس العرب. تم تشييد تمثال نصفي له أمام كاتدرائية القديس بول في لندن.  في عام 2014 تم العثور على بقايا مخيم لورانس العرب السري في منطقة نائية بصحراء الأردن على مقربة من الحدود مع المملكة العربية السعودية، حيث تمت عملية الاكتشاف بفضل خريطة كانت بحوزة طيار سابق في سلاح الجو الملكي البريطاني كان قد رسمها عام 1918م الذي أشار فيها إلى موقع مخيم لورنس. لورنس كان يستخدم المخيم السري الذي عاش فيه ما بين 1917م و1918م كقاعدة انطلاق لحرب العصابات ضد القوات العثمانية وقطع إمدادها وهي التي قادت الى نصر قوات الثورة العربية الكبرى.  

لم تكد المملكة الفتية لتتعامل مع الاستعمار الغربي للبلاد العربية حتى بدأت الحرب النجدية الحجازية والتي أدت عام 1924م لتنازل الملك حسين لابنه علي بن حسين ملكًا على الحجاز بعد ضغوط مورست من قبل الحزب الوطني الحجازي، في محاولة لإيجاد حل سياسي للحرب النجدية الحجازية، لكن هذا التنازل لم يغير من مجريات الحرب شيء، وواصلت قوات إمارة نجد (إمارة نجد: تأسست على يد عبد العزيز ابن سعود سنة 1319 هـ الموافق لــِ 1902م) في دخول مدن الحجاز الواحدة تلو الأخرى، وانتهت الحرب بتوقيع اتفاقية تسليم جدة في 17 ديسمبر 1925م الموافق 1 جمادى الآخرة 1344هـ التي ضمنت للأسرة الهاشمية خروج آمن من الحجاز وتسليم جدة آخر معقل للسلطان عبد العزيز آل سعود، وبذلك سقطت مملكة الحجاز بعد أن استمرت مدة 10 أعوام، وتم إعلان ضم الحجاز إلى نجد تحت مسمى مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها. إلى أن أصبح اسمها المملكة العربية السعودية بعد توحيد جميع أراضيها في كيان عسكري ملكي، وكان ذلك في 1351هـ الموافق لــِ 1932م.

وكانت المملكة المتحدة البريطانية قد ساهمت بشكل فعال في إنشاء النظام السعودي الملكي العسكري الحالي وذلك بزرع جاسوس آخر وهو هاري سانت جون بريدجر فيلبي ‏(3 أبريل 1885 - 30 سبتمبر 1960)، ويعرف أيضاً باسم "جون فيلبي" أو الشيخ عبد الله، مستعرب، وعميل مخابرات بمكتب المستدمرات البريطاني. لعب دوراً محورياً في إزاحة العثمانيين عن المشرق العربي وخاصة عن جزيرة العرب والعراق والأردن وفلسطين. أعلن إسلامه في 1930م وخطب الجمعة في الحرم المكي عن فضائل آل سعود على الهاشميين حكام الحجاز سابقاً. تزوج من إمرأة نجدية وأنجب إبنه الوحيد كيم فيلبي. عمل فيلبي مستشاراً (على راتب المخابرات البريطانية) لابن سعود في بسط نفوذه في مختلف أرجاء الجزيرة العربية ومنها الحجاز. ومن موقعه الخاص أصبح فيلبي كبير مستشاري الملك عبد العزيز للشئون الخارجية. في عام 1931 دعا تشارلز كرين إلى جدة لتسهيل التنقيب عن النفط في الأراضي التابعة لحكم آل سعود. وفي مايو 1933، أتمت شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال) مفاوضاتها مع فيلبي موقعة عقد امتياز حصري لمدة 60 سنة للتنقيب عن وإنتاج النفط في منطقة الأحساء على الخليج العربي، وفي 8 نوفمبر من نفس العام تم إنشاء شركة تابعة هي شركة كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل كومباني (كاسوك)، في 31 يناير من عام 1944 وفي خطوة تهدف إلى إبراز دور السعودية بين الدول المنتجة للنفط، تم تغيير إسم كاسوك إلى شركة الزيت العربية الأمريكية، والتي أصبحت تعرف إختصارا بإسم شركة أرامكو السعودية. دلت تلك الصفقة على إستمرار النفوذ القوى الإستدمارية (المملكة المتحدة البريطانية) في المنطقة.
أرض الحجاز وبداية النهاية:

ما يؤكده الواقع لنا أن أرض الحجاز تعيش حكما ملكيا عسكريا، أي حكم جبري بصيغة الحديث النبوي الشريف، مؤذنا بقروب  لمرحلة الجائزة (خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ) التي بشر بها الصادق الأمين المبلغ عن رب العالمين.

بدأت تظهر معالم نهاية هذا الحكم في عام 1995م، حين إستلم عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد إدارة شؤون الدولة وأصبح الملك الفعلي بعد إصابة الملك فهد بجلطات ومتاعب صحية، وبعد وفاة الملك فهد في أغسطس/أب 2005 تولى الحكم، وبالإضافة لكونه ملكا للدولة فقد كان يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء تبعا لأحكام نظام الحكم في المملكة القاضية بأن يكون الملك رئيسًا للوزراء، كان يعتبر من أثرى أثرياء العالم، إذ ذكرت مجلة فوربس الأمريكية في نشرة لها حول أغنى الملوك في العالم نشرت في 2010 أن قيمة ثروته تقدر بـ 18 مليار دولار. على جانب آخر فقد صنفته المجلة آنفة الذكر في عام 2011 كسادس أقوى الشخصيات تأثيرا في العالم. شن حملة عسكرية على الحوثيين أواخر 2009 ٳنتهت بتوقيع هدنة. في عام 2014 شن الطيران الحربي السعودي غارات مكثفة على مواقع لتنظيم داعش في العراق وسوريا في ظل تحالف عسكري مكون من 65 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. توفي لــِ 3 ربيع الثاني 1436هـ /23 يناير 2015م. 

تغيرت ملامح الحجاز في عهدته رأسا على عقب، وظهرت كل الأمارت الصغرى، والتي لم تظهر من قبل، وبالخصوص ماشهدته مكة والمدينة من زوال الجبال وتطاول في العمران وتقارب الأسواق...إلخ، وقد سبق تفصيله في هذه المقاربة. أما ما يثير الإنتباه فهي تلك الأحداث ذات الشأن السياسي الداخلية والخارجية منها والتي وقعت في عهد هذا الرجل عبد الله بن عبد العزيز. ونستهل الذكر بالحدثان الداخليان المثيران للإنتباه واللذان أعلنا عن قروب نهاية الحكم الجبري في أرض الحجاز، وأحدثا فجوة متعددة المعالم وشرخا داخليا متسع الجوانب، متناميا صداه في عائلة آل سعود الحاكمة يوما بعد يوم، هذان الحدثان المتمثلان في إصدار مرسومين ملكيين :أحدهما إستحداث هيئة البيعة وثانيهما إستحداث منصب ولي ولي العهد.

هيئة البيعة : البيان الملكي رقم أ/135 بتاريخ 26/9/1427هــ الموافق لــِ 18 أكتوبر 2006م: أسست الهيئة بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ونص أمر تأسيسها بأنها تتكون من أبناء الملك عبد العزيز أو أحفاده في بعض الحالات التي يحددها النظام، بالإضافه إلى إثنين يعينهما الملك، أحدهما من أبنائه والآخر من أبناء ولي العهد، وتقوم عند وفاة الملك بالدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكًا على البلاد، أعلن في 30 ذو القعدة 1428هـ الموافق 10 ديسمبر 2007م عن تشكيل الهيئة برئاسة الأمير مشعل بن عبد العزيز.

منصب ولي ولي العهد: البيان الملكي رقم 19155 بتاريخ 19/5/1435هــ الموافق لــِ 20 مارس 2014 المتظمن  مايلي : إقرار منصب ولياً لولي العهد للنائب الثاني "رئيس مجلس الوزراء"، ومبايعة هذا الأخير ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد.

أما الحدثان الخارجيان فيتمثل أولهما في شن حرب على الشيعة اليمنية الموالية لإيران، وثانيهما قطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران.

حرب على الشيعة: شن حملة عسكرية على الحوثيين (تيار شيعي في اليمن) الموالين لإيران أواخر 2009م ٳنتهت بتوقيع هدنة في عام 2014م ، لكن الحرب عاودت رحاها بمجيء محمد بن سلمان بن عبد العزيز وليا لولي العهد.

قطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران: الحدث الثاني الذي كان سببا في قطع العلاقات بين إيران والسعودية هو ما حدث في فترة الحج لعام 2015م الموافق لــِ 1336هــ ، وراح ضحيته 464 من الحجاج الإيرانيين من بينهم ما يقارب من بينهم عدد من كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني. ثم ما أعقبه من أحداث أدى فعليا إلى قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، حيث قام مجموعة من المتظاهرين الإيرانين 2 يناير 2016م  بالهجوم على السفارة السعودية في طهران بعد تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المعارض السعودي نمر النمر (مواليد 1379 هـ الموافق لــِ 1959م في محافظة القطيف بشرق السعودية، رجل دين شيعي سعودي، عرف بإننتقاده لسياسة أسرة آل سعود الحاكمة)، حكم على نمر النمر بالقتل تعزيراً من المحكمة الجزائية السعودية بتهم متعددة بلغ عددها 15 تهمة ونفذ الحكم عليه في 15 أكتوبر 2014م.

إن الناظر والمتأمل في أحاديث المصطفى سوف يتيقن حقا أن ما تعيشه أرض الحجاز حاليا ما هو إلا إختلاف على الملك الذي سيفضي إلى إقتتال على الحكم، وما هو إلى آذان إلى زوال للحكم الجبري وإقتراب للمرحلة الأخيرة لأمة الإسلام، مرحلة الخلافة على منهاج النبوة، ولقد بدأت أحداث هذا الخلاف مباشرة عقب وفاة عبد بن عبد العزيز الذي أنشأ هيئة البيعة، والتي جعلت أمراء الحجاز يتناقلون الحكم من بعده  بصيغة المبايعة شبيهة بنظام الخلافة وليست خلافة نبوية لأنها متكونه من عصبة أمراء من آل سعود.

وما نجده في أخبار المصطفى ما يشير إلى هذا الخلاف فعلا، ففي الحديث من موارد الظمآن إلى زوائد إبن حبان ومسند أبي يعلى الموصلي تحقيق حسين سليم أسد والذي حكم على إسناده بالحسن من طريق مجاهد، وكما ذكر إبن القيّم في "المنار المنيف" 1/145: أن الحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح، حيث جاء " عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَيُخْسَفُ بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّامِ وَعَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَخْوَالُهُ كَلْبٌ فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بَعْثًا فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ فَيَقْسِمُ الْمَالَ وَيَعْمَلُ فِي النَّاسِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُلْقِي الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ فِي الْأَرْضِ فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ"، وفي الحديث كذلك إشارة لأحداث زمنية متابعدة نسبيا، تبتدأ معالمها من بداية نهاية الحكم الجبري وتسري بقية أحداثها خلال مرحلة الخلافة على منهاج النبوة الآخرة من مرحلتها الأولى.

ومصداقا لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ " وهو الخليفة المقصود بهذا المقام وعلى ما نقره في هذه المقاربة أنه مطابقا للواقع عبد الله بن عبد العزيز، حيث تصدق في الرجل كلمة " خَلِيفَةٍ " بسياقها العام، وهذا بإعتبار أنه أول من أقر بالمبايعة في حكم آل سعود فأنشأ هيئة البيعة، التي لم تكن من قبل في قانون المملكة، في سنة 1427 هــ الموافق لــِ 2006م.

كان الحكم قبل وفاة عبد الله بن عبد العزيز حكرا بين أبناء عبد العزيز أل سعود، لكن بعد بداية إنقراض سلسلة أبناء عبد العزيز وطعون أغلبيتهم في السن، بدأ التفكير لإدراج الأحفاد في الحكم خوفا من إندثار المملكة، فأستحدث منصب جديد وهو ولي لولي العهد، فنصّب عبد الله أخوه مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، وأخذ له المبايعة من هيئة البيعة، كما بقي في سلسلة أبناء عبد العزيز إثنا عشر 12 إبنا. وبعد وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز في 23 يناير/كانون الثاني 2015م تولى الأمير سلمان بن عبد العزيز حكم البلاد ليصبح الملك سلمان بن عبد العزيز ويصبح الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً للعهد، وفي نفس اليوم عين الملك سلمان بن عبد العزيز الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد.

بدأ الخلاف والإختلاف على الملك كما أخبر الصادق الأمين المبلغ عن رب العالمين " يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ "، ووقع ما لم يكن في حسبان، في سابقة مشيرة إلى قروب إنتهاء الحكم الجبري دام قرابة قرن من الزمن، ودخول في ولاية العهد إمارة الصبيان، حيث أدخل محمد بن سلمان الذي لم يبلغ الأربعين من العمر (15 ذو الحجة 1405 هـــ الموافق لــِ 31 أغسطس 1985م) كولي لولي العهد ببيان ملكي صادر بالرقم: أ /160، وبتاريخ :10/7/1436هـ، وإعفاء (عزل) مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد ليلا ببيان ملكي صادر بالرقم: أ/159، وبتاريخ:10/7/ 1436هـ، وعين مكانه محمد بن نايف آل سعود ولياً لعهد (رجل مقرب جدا من المخابرات البريطانية والأمريكية). وفي نفس الزمن الذي يحدث فيه هذا الخلاف أي سنة 1436هـ  الموافق لــِ 2015م، وما نستشفه قراءة من هذا الحديث، أن رجلا من المسلمين من أهل المدينة فرّ هاربا إلى مكة " فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ " والذي سيكون الخليفة المرتقب للمسلمين حيث سيجتمع الناس عليه خلال سنوات قلائل من هذا الحدث، عندما يقتتل على الحكم ثلاثة من أبناء الخلافاء عند الكعبة كما ورد ذكره في الحيدث الصحيح من سنن ابن ماجه والحاكم في المستدرك "عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ» - ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ فَقَالَ - فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ ".[قال ابن كثير : كنز الكعبة].

 ونظن أن هذا الإقتتال قد بدأت إشاراته تلوح في الأفق من خلال ما نشر في تقرير عن موقع بريطاني، تحت عنوان «تقارير تتحدث عن أن محمد بن نايف مريض جدا». وكان «بروس ريدل»، الضابط السابق في الاستخبارات الأمريكية، كشف أن أمريكيا هي التي وجهت الدعوة رسميا إلى ولي ولي العهد السعودي، «محمد بن سلمان»، لزيارة واشنطن؛ لأنه سيصبح ملكا في القريب العاجل، وبهدف التعرف عليه عن قرب. حيث بات محمد بن سلمان جامعا لعدة مناصب من وزير الدفاع الى النائب الثاني لرئيس الوزراء والمستشار الخاص للملك. كما يترأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يشرف على أرامكو السعودية، أكبر شركة منتجة للنفط في العالم. وقال «ريدل» لشبكة تلفزيون «إن بي سي» إن «سلمان بن عبد العزيز» متقدم في العمر ويعاني من مشاكل صحية، كما أن «محمد بن نايف»، ولي العهد المفضل لدى الأمريكان مريض على حافة الموت، وبات خارج السباق، ولن يصبح ملكا، حسب تقديرات ثلاثة من كبار رجال المخابرات الأمريكية أجروا تقديرا عملياتيا لصحته، كما نقل موقع «ميدل إيست آي» البريطاني. وجاء اللقاء الأخير بين الرئيس الأمريكي ترامب ومحمد بن سلمان في جمادي الثاني 1438هـ الموافق لــِ مارس 2017م مؤكدا على صحة هذه المزاعم كلها. وقالت نفس الشبكة «ميدل إيست آي» ، في تقريرها، إن القيادة الأمريكية تعتقد أن السعودية تقف الآن أمام مفترق طرق، وإنه إذا لم ينجح الأمير «محمد بن سلمان» في خططه ومشاريعه وحروبه سواء الآن أو بعد أن يصبح ملكا، فإن البديل هو الانهيار، وحدوث حالة من الاضطراب والفوضى.

وحدث ما كان متوقعا ففي يوم 21 يونيو/حزيران ففي تعيين محمد بن سلمان (31 سنة) وليا للعهد، وحسب عدة مواقع منها "arabic.rt.com"  فلقد أصدر العاهل السعودي أمراً ملكياً صباح الأربعاء قضى بإعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه ولياً للعهد، وتعيين إبنه ولياً للعهد في السعودية، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيراً للدفاع.

وقد تضمن الأمر الملكي - بحسب ما ذكرته وكالة "واس": "تعدل الفقرة ب من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم لتكون بالنص الآتي : "يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكا ووليا للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس". 

وعلى ما تدل عليه الأحداث فأن قروب إقتتال أحفاد آل سعود على الملك بات وشيكا، وماهو عنا ببعيد ونستهلها بالتفصيل:

ما ورد ذكره من إقتتال على الملك " يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ " وهذا ما بدأنا نستشرفه من خلال التعديل الأخير في ولاية العهد التي آلت إلى محمد بن سلمان صاحب 31 سنة من العمر الذي ورط آل سعود في "عاصفة العزم" في اليمن التي يعدها الخبراء منهم أستاذ كرسي الشرق المعاصر في الجامعة الروسية للعلوم الإنسانية الدكتور في العلوم التاريخية غريغوري كوساتش نقلا في موقع "arabic.rt.com" حيث أفاد أنها مشروع فاشل، وإن المملكة غاصت هناك لفترة طويلة. وعليه فإن منصب ولي ولي العهد صار مهددا بالإنقراض، والإنتقال العرش من الأب إلى الابن، كما في الأنظمة الملكية الكلاسيكية صارا مرجحا. كما بات إنتقال العرش إلى ولي العهد الجديد على مقربة أشهر. ومع التعيينات الجديدة والإقالات السريعة لأمراء من أبناء وأحفاد آل سعود فإن حربا وشيكة على الأبواب في المملكة، حيث عيّن العاهل السعودي الملك سلمان إثنين من أبنائه في مناصب حساسة، حيث تولى الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير دولة لشؤون الطاقة، فيما عين الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز سفيرا للمملكة لدى الولايات المتحدة بدلا عن الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبدالله الذي تم إعفاؤه من المنصب بعد أقل من سنتين من تعيينه فيه. وتم إعفاء الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود نائب وزير الدفاع من منصبه وتعيين الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود نائباً لوزير الدفاع.
وما نستشفه من قراءة للأحداث أن الذي أخبر به المصطفى " يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ، كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ " بات على مقربة أشهر، وسيستمر الإقتتال بين الأحفاد الثلاثة ولا يصير حكم الحجاز لأحد منهم " ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ".  

وفي ظل التطاحن والتقاتل على الحكم ينتهز أصحاب الريات السود، على ما نقره في هذه المقاربة أنهم الحشد الشيعي من الجهة الشرقية للسعودية ومن خلفهم إيران، الفرصة بإيعاز أمريكي بريطاني للشن حرب عسكرية على آل سعود آتين من الناحية الشرقية للبلاد. وفي الحديث دلالة على جغرافيا مشرق المدينة، أي منطقة نجد التي عرفت إعدام أحد رجال الدين الشيعة، هذه الجهة التي ستتواطؤ مع القوات الإيرانية للتوغل في السعودية، مما سيفضي إلى تقاتل في البلاد. وما ورد في وصفها بالسوداء دلالة على أنهم الشيعية الذين جعلوا من السواد شعارا لهم تعبيرا عن حزنهم المزعوم لمقتل الحسين إبن علي رضوان الله عليهما وعلى آل نبينا السلام. والوصف الثاني من الحديث " فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ " يجعل المخصوص الرأس المدبر إيران بل وستكون جزء لا يتجزأ من هذه الرايات، وما هو معروف أن إيران تمتلك من الإمكانات العسكرية الهائلة والتي تستعملها حاليا في دعم حزب الله اللبناني لدعم النظام الشيعي النصيري في سوريا الحالي في سوريا وهي التي دعمت ولاتزال تدعم الحوثيين الشيعة في اليمن، ولن تتوانى أبدا في دعم وإمداد الحشد الشيعي  الممتد أطرافه من العراق إلى المنطقة الشرقية النجدية، بمختلف الأسلحة إذا ما حاول الهجوم على التمرد على نظام آل سعود.
ماذا ينتظر بعد من أمارات أخرى، قتلت نفوسا مؤمنة وسجنت أخرى، يقبع في السجن خيرة العلماء ، وجاءهم الجراد وإنكشف ستار الكعبة، وإعتلوا سطحها تفاخرا وتكبرا ولم يسبقهم إلى فعلها أحد، وفعلت الطيور ما لم تكن تفعله من التحليق قوق سطحها يعدما أستبيح سطح الكعبة وصار مرتعا للطواغيت، وأقاموا الفجور بأرض الحرمين، وجعلوا النساء يبعن في خلطة مع الرجال، واحتفلوا مثلهم مثل النصارى ببداية السنة الشمسية، وما أظن أن حالهم ستدوم.

الإقتتال حول إدراة الحرمين والإصطلاح على رجل من أشراف أهل البيت

 وما نستشفه أن هذه الرايات سوف تأتي مقاتلة ومطالبة بحق التداول على إدارة الحرمين والخلافة عليه، وهذا ما أشارت إليه الوقائع مما تناقلته مواقع منها " hespress.com"، فبعد حادثة الحج لعام 2015م الموافق لــِ 1336 هجري، مُعَنْوِنَةً في أحد مقالاتها " إيران تطالب بـحلّ لإدارة الحرمين في السعوديّة " وسوف تقاتل آل سعود قتالا شديدا وتكون فتنة حرب، ثم يكون الإنتصار العسكري لأصحاب الرايات" فَيُقَاتِلُونَ فَيَنْتَصِرُونَ "، وسيكون في هذه الأثناء رجل يدعي نسبه إلى آل البيت، وعلى الأرجح سيكون من المنطقة الشرقية للنجدية من هذا الحشد الشيعي الموالي لإيران، ليس بالرجل التقي كما أخبر المصطفى بذلك، ولكونه من غولات الشيعة المعروف عنهم سب الصحابة وأزواج النبي خصوصا عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رجل من آل البيت لكن ليس من عترة النبي من ولد فاطمة، موهما الناس بأحقيته لإدارة الحرمين، وهذا ما أشار إليه الحديث الصحيح من سنن أبو داود عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ قَالَ هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ..."، وسيكون إختلاف في الناس على أحقية من تكون له الخلافة (الإدراة)على الحرمين كما أشار إليه الحديث من مسند الإمام أحمد "عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي، عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ، وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، وَيَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ غِنًى، فَلَا يَحْتَاجُ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ" وسينتهي المطاف بهذه الرايات التنازل ووقف أوزار الحرب بتدخل دبلوماسي من دول جزيرة العرب على العموم ودول أخرى مسلمة عرفت بالحياد وحب الإصلاح بين المسلمين، مما سيؤدي إلى المصالحة على إقامة إدارة تسييرية غير عسكرية " ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ"، وهذا الرجل ما هو إلا أمير المؤمنين المهدي، أحد رجال من أهل البيت المبايع بين الركن والمقام.

أما الرجل فهو واحد من أهل البيت النبوة، رجل إصطفاه الله ليكون خليفة مهديا في آخر الزمان، جرت عليه سنة من سنن الله وهي سنة الإصطفاء للإمامة الهادية بأمر الله، وهي سنة الله الجارية في بعض الأفراد من عباد الله المؤمنين منهم الخلفاء الراشدين المهديين الأوائل كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن بن علي وعمر بن عبد العزيز ومنهم المجددين للدين كالأئمة الأربعة وغيرهم من الأئمة الأعلام الذين أعادوا للأمة روحها وبعثوا في الأمل على رأس كل مئة سنة، ومن هؤلاء المتأخرين الذين قادوا الإصلاح في الأمة في بدايات الحكم الجبري، كل هؤلاء جرت عليهم سنة الله في الآية الكريمة من سورة السجدة مصداقا لقوله تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾، ولقد جاء بيان إصطفاء هذا الرجل الصالح للخلافة النبوية المهدية الراشدة للمسلمين في أحاديث نبوية صحيحة، منها ما ورد في الحديث الصحيح من التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تقومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ النَّاسَ رجلٌ مِن أهل بيتي يُوَاطِىءُ اسمُهُ اسمي واسمُ أبيه اسم أبي فَيَمْلأُها قِسْطاً وعَدْلاً) ـ في صحيح ابن حبان محققا "عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، أَوْ قَالَ:مِنْ عِتْرَتِي، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا".

فمن خلال الحديثين إشارة على أن الرجل من بيت النبوة ومن عترة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحديدا، ثم يؤكد هذا الحصر حديث من سنن أبو داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي، مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ»، ويزيل هذا الحديث أي شك حاصل أو وارد في الأذهان من أهل البيت الآخرين من " آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ ". وهو رجل من قريش إذ أن نسبه يمتد إلى جده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى الإمام علي رضوان الله عليه وعلى آل نبينا السلام إبن عم النبي، فهو قريش لا مراء فيه ، فهو الأحق بالخلافة ، وله يؤول أمر المسلمين، كما أمر نبينا محمد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما " عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ، مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ»"،

خروج الرجل من أهل المدينة دلالة على أن الرجل من آل البيت القائمين منذ زمن بالمدينة، ومن خلال البحث فإن هناك عددا من العوائل المنتسبة للحسن والحسين موجودة بالمدينة المنورة في الزمن الحالي، كما يوجد فروع لبعض هذه العائلات بمكة، ولعل الرجل أن يجتمع فيه نسب السبطين، كما ذكره الدكتور المغامسي في حديث عن نسب المهدي، ويبقى أن نذكر أن أهل المدينة ومكة أدرى بأهلها.

كذلك فإن في الحديث إشارة على أن الرجل معروف الإسم والنسب بالمدينة المنورة ومشهور بصفاته الخَلْقِية والخُلُقِية، وعلى ما نقره في هذه المقاربة أن هذا الرجل فرّ هربا مع أهله إلى مكة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز في 23 يناير/كانون الثاني 2015م على ما دلّ عليه ترتيب الأحداث. والذي يشار إليه أن الرجل إنتقل إلى جوار أهله من فروع عائلته المكية مختبئا بمكة لحين أن يأذن الله بخروجه.   

كذلك توجد إشارة أخرى في الحديث من سنن أبو داود " عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ..."، تتمثل هذه الإشارة في معرفة بعض ناس من أهل مكة إسم ونسب وحتى مكان إقامة الرجل بمكة، وهذا ما يدل على أن الرجل قد خالط الناس في مكة أعواما فعرف وإشتهر بين بعض أهلها. كما أن الرجل ليس من الذين يسعون للحكم لأنه سيبايع مكرها ومجبرا على الحكم لما تقتضيه المصلحة العامة للمسلمين" فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ فَيُبَايِعُونَهُ "

وما تبين من المقاربة فإن إسم هذا الرجل إما محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله كما دل عليه الحديث الحسن الصحيح من التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، والحديث ا لحسن الصحيح من تحفة الأحوذي " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَلِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي» "، وما أراه مقاربة غير جازم بذلك ولله العلم أن الرجل يكون حاملا لإسم نبينا أحمد وإسم أبيه عبد الله، إستنادا إلى إلتقائه بعيسى عليه السلام في أواخر أيامه كما أشرنا سابقا، وإستنادا لقوله تعالى على لسان عيسى بن مريم ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ^ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾، ودلالة أخرى أن النبي لم يذكر أن إسم الرجل محمد وهذا الإسم الذي عرف وإشتهر به نبينا في قومه، فأشار حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أن إسم الرجل هو إسمه الثاني " أَحْمَدُ "، كما لا نعلم إسما آخر غير عبد الله لأبي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.    

كما أن صفاته الخلقية معروفة كما ورد في الحديث الحسن من سنن أبو داود، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ» ، فهذه صفات في الوجه ولم يرد على حد ما نعلم لون بشرته. كما أن عمر الرجل ورد إشارة إليه في حديث المقطوع الذي أخرجه أبو عمرو الداني وهو صحيح الإسناد الى السميط "عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ السُمَيْطِ، قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: " اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى، أَوِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً، يَقُومُ عَلَى النَّاسِ سَبْعَ سِنِينَ، وَرُبَّمَا قَالَ: ثَمَانِ سِنِينَ "، ومن هذا الأثر يتبين أن سن الرجل 51 أو 52 سنة يؤهله إلى خلافة المسلمين وهذا أدعى أن يتبعه الناس ويبايعونه.

كما نقره مقاربا وما نظنه، ولله علم غيب السماوات والأرض، أن زمن خروج الرجل قريب، وعلى ما تحقق لدي من تطابق زمني بين الأحاديث والوقائع أنه يكون بعد تاريخ يوم الخميس 29 ربيع الآخر من سنة 1441 هــ الموافق لــِ 26 ديسمبر/كانون الأول 2019م. وإثبات هذا يالمطابقة الزمنية التاريخية للأحداث بما يلي:

أولهما بإعتبار نهاية الأمة مقاربة 1500 سنه مقاربة زمنيا لربيع الأول من سنة 1488 هــ إبتداءا من بعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند تمام الأربعين من عمره، إستدلالا من الحديث الصحيح غير الصريح والذي سبق ذكره في هذه المقاربة في مواضع عديدة، وإعتبار زمن نزول عيسى ومكوثه بالأرض 40 سنة لما مارواه الحاكم في المستدرك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ رُوحَ اللَّهِ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ نَازِلٌ فِيكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ حَتَّى تَرْعَى الْأَسْوَدُ مَعَ الْإِبِلِ، وَالنُّمُورُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ، مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ مَعَ الْحَيَّاتِ، لَا تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ» فيصير لدينا بالحساب التراجعي في الزمن ربيع الأول من سنة 1448 هــ الموافق ل 2026م. ثم إذا حققنا أن مدة مكوث المهدي سبع سنوات كما سبق الإشارة إليها " فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ" ومن رواية إبن حبان " يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ " وفي نسخة عمر بن زرارة الحدثي " وَيَعْمَلُ سَبْعَ سِنِينَ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ وَيَنْزِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ "، ثم قررنا من خلال جمع ما ورد في الأحاديث الصحيحة فستكون فترة زمنية يلتقي فيها المهديان أحمد بن عبد الله وعيسى، وما هي إلا أيام معدودات، وذلك أن المهدي أحمد بن عبد الله سيصلي بعيسى عليه السلام ومن معهم من المؤمنين كما رود في صحيح مسلم عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: " فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ "، فنجد بالحساب بالتراجعي للزمن أن زمن خروج الرجل الصالح سيكون مقاربا بعد هذا الحدث الكوني إن شاء الله من ربيع الأول أو الآخر لسنة 1441 هــ الموافق لــِ شهر ديسمبر 2019م، ولله علم غيب السماوات والأرض.

ثانيهما من جهة النظر والبحث في دلائل من أحاديث أخرى، منها ما رود في جامع معمر بن راشد مما أخرجه عبالرزاق وأبو نعيم وهو صحيح الإسناد مقطوع عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ حَتَّى تَطْلُعَ مَعَ الشَّمْسِ آيَةٌ». فالحديث يشير إلى أن اول حدث هو طلوع معها آية، وآيات الشمس التي يعلمها كل الناس منذ زمن ورود الحديث هي الكسوف والخسوف، وفي الحديث كذلك إشارة لزمن طلوعها صباحا، ومن خلال النظر والبحث في علم الفلك وجدنا أن هذا الحدث نقلا عن موقع ناسا " eclipse.gsfc.nasa.gov/solar" الذي شهده الحرمين مكة والمدينة يوم الخميس 26 ديسمبر 2019م الموافق لــِ 29 ربيع الآخر لسنة 1441 هــ صباحا مع شروق الشمس على الساعة 05:18 بتوقيت قرنيتش أي 08:18 بتوقيت مكة المكرمة ، وسيكون كسوفا حلقيا لمدة 3 دقائق و 39 ثانية. ولقد صلينا صلاة الكسوف، وما يدل على تطابق الحسابات ما ورد في الحديث من إشارة زمنية لفصل الشتاء من الحديث في سنن ابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ "، وفي الحديث دلالة صريحة على أن زمن ظهور المهدي هو فصل الشتاء المتزامن مع سقوط الثلوج وسبق أن ذكرنا شهود طريق مكة المكرمة- المدينة المنورة، الخميس 14 جانفي/يناير 2016م تساقط للثلوج بكثافة. كما يوجد في الحديث إشارة أخرى وهي توجيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهل المدينة بوجوب مبايعة هذا الرجل زمن ظهوره لأنهم أعلم الناس به ولأنهم أهله إبتداءا. ثم يأتي حديث آخر مشيرا إلى يوم خروجه، وعلى ما نقره أنه يوم الخميس، إشارة من الحديث الذي ورد في مصنف أبي شيبة والجامع الصحيح للسنن والمسانيد عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ يُصْلِحُهُ اللَّهُ فِي لَيْلَةٍ». فالخميس يليه الجمعة، وأفضل ليال الأسبوع على الإطلاق ليلة الجمعة، مما يدل على الليلة المذكورة التي يهيأ الله فيها الرجل لخلافة المسلمين هي ليلة الجمعة،  ثم يستقبل خلافته مفتتحا بخطبة الجمعة الذي يعتبر العيد الأسبوعي للمسلمين.

وعليه فإن الرجل الصالح يملك سبع سنين وتكون وفاته بعدها كما أخبر الصادق الأمين ويصلي عليه المسلمون، وعلى ما دلت عليه التواريخ من خلال ترتيبها الزمني فستكون نهاية السبع سنوات من حكمه في الربيع الآخر من سنة 1448هــ الموافق لــِ 2026م، ولله علم غيب السماوات والأرض، أي بعد نزول عيسى عليه السلام بأيام قلائل، ثم تنتقل الخلافة لعيسى عليه السلام، فلا مهدي بعد أمير المؤمنين أحمد بن عبد الله إلا عيسى عليه السلام، كما جاء في المستدرك للحاكم أن مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَنَدِيُّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا الدِّينُ إِلَّا إِدْبَارًا، وَلَا النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ». 

ومن خلال إستقراء التاريخ والتواريخ في هذه المقاربة فإن زمن النبوة 23 سنة وزمن الخلافة على منهاج النبوة الأولى 30 سنة وزمن الخلافة على منهاج النبوة الآخرة 47 سنة، وعليه المجموع 100 سنة ولقد أشار  الحديث الموصوف بالضعف لجهالة أحد رواته، الذي نورده من باب الإستئناس، إلى أن مجموع هذه المراحل لهذه الأمة من الرخاء والرجاء جاء ذكره في الحديث "عَنْ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي عَطَاءٍ يَزِيدَ بْنِ عَطَاءٍ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّهُ: سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَذْكُرُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا مُدَّةُ أُمَّتِكَ مِنَ الرَّخَاءِ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى سَأَلَهُ ثَلَاثَ مِرَارٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ؟ " فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: " لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي، مُدَّةُ أُمَّتِي مِنَ الرَّخَاءِ مِائَةُ سَنَةٍ "، قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ أَمَارَةٍ أَوْ عَلَامَةٍ أَوْ آيَةٍ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ. الْخَسْفُ وَالرَّجْفُ، وَإِرْسَالُ الشَّيَاطِينِ الْمُجَلِّبَةِ عَلَى النَّاسِ" إسناده ضعيف لجهالة معاذ بن سعد السكسكي، أبو عطاء السكسكي روى عنه اثنان ووثقه ابن حبان. وأخرجه الطبراني في "الشاميين"، والقاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريَّا"، والبخاري في "التاريخ الكبير"، والحاكم من طريق الوليد بن مسلم وعلق عنه الذهبي إسناده مظلم لجهالة أحد رواته وهو معاذ بن سعد السكسكي. قوله: "المجلبة" أي: المجتمعة.

: شارك

Tweet

✚

مواضيع ذات صلة