ننتقل للحديث عن الأحداث التي من شأنها الإخبار عن التغيرات الإجتماعية والثقافية الحاصلة في علاقة الأفراد بعضهم ببعض داخل مجتمعاتهم وبتأثرهم بالمجتمعات الأخرى من حولهم، وهذه الأحداث يستوي في شهودها كل فرد من أفراد المجتمع، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم. فمنها ما هو خاص بالبشرية، ومنها ما هو خاص بأهل الإسلام. وأخرى متعلقة بالتغيرات الفكرية والدينية التي شأنها الإخبار عن التغيرات الحاصلة في فكر الأفراد ووعيهم الديني، هذه التغيرات التي تحولت إلى ظواهر ومظاهر في المجتمع. ومنها ماهو خاص بالتغيرات الأخلاقية والسلوكية التي من شأنها الإخبار عن التغيرات الحاصلة في سلوك الأفراد وأخلاقهم على مستوى الأسرة والمجتمع، والذي سنشير إليه كما إشرنا إليه سابقا هو تزامن هذه الأحداث مع ما نعيشه حاليا خلال الفترة الأخيرة من هذا الزمن.
الأحداث
والظواهر الإجتماعية المتعلقة بالعمران
جاء
في الأدب المفرد للبخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لا تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ ". فالحديث ذو
دلالة عامة على تطاول الناس في آخر الزمان في بنيانهم ، لكن ما ألفت الإنتباه أكثر
أن ظاهرة الأبراج العالية الشاهقة لم تكن إلا من قبل، ولقد بدأت فعلا مع التطور
التكنولوجي وتطور الهندسة المدنية حيث كان أول برج في العالم
في مدينة شيكاكو بالولايات المتحدة الأمريكية برج Aon
Center حيث كان بناؤه في سنة 1973م، ثم توالى بناء
الأبراج في مختلف المدن العالمية "wikipedia.org"، والمثير للإنتباه يدل عليه الموقع أن معظم الأبراج
التي تم تشييدها تم خلال الفترة الممتدة من سنة 2000م الموافق ل 1420هــ إلى غاية
2016م الموافق لــِ 1437هــ ، وبقية الأبراج في طور الإنجاز.
وجاء
في صحيح مسلم عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لم سأله جبريل عليه السلام " قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا
الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا،
قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ
رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ»، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ
مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ»"،
فالحديث يدل دلالة واضحة على نوع مخصوص من الذين يتطاولون في البنيان " الْحُفَاةَ
الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ "، فدلّ على أهل جزيرة العرب فالوصف
ينطبق عليهم إنطباقا لا يحتمل الشك، والواقع يؤكد صحة هذا المقال، فمعظم الأبراج
التي يتباهى بها الخليجون (برج خليفة في دبي 2010م، أبراج البيت بمكة 2012م ، برج مارينا
101 بدبي 2015م، برج 23 مارينا بدبي 2012م، مبنى هيئة السوق المالية بالرياض 2015م،
برج محمد بن رشيد 'مشروع السوق المركزي' بأبو ظبي 2014م، إقامة النخبة بدبي 2012م،
The
Address the BLVD بدبي 2016م، برج ألماس بدبي 2009م، Emirates
Office Tower بدبي 2000م، برج The Marina Torch بدبي 2011م، برج الراية بالكويت 2009م، Aspire
Tower بقطر 2007م، ...) بنيت خلال الفترة الممتدة من 2000م الموافق لــِ
1420هــ إلى يومنا الحالي والقائمة طويلة وهي في تزايد، وزائر مكة والمدينة
المنورة سوف يلاحظ الكم الهائل من الفنادق الشاهقة العلو المحيطة بالحرمين من كل
الجهات.
ولقد
عرفت مكة و المدينة المنورة خصوصا منذ بداية التوسعة عام 1409ه تغييرا عمرانيا
هاما، وما أثار الإنتباه هو التحول الجذري في عمرانها منذ تولي ولي العهد عبد
الله بن عبد العزيز وإستلامه مقاليد الحكم - في عهد فهد بن عبد العزيز حينما أصابت
هذا الأخير جلطة دماغية أقعدته عن الحكم سنة 1418هــ الموافق لــِ 1997م - إلى
غاية وفاته 3 ربيع الثاني 1436هـ الموافق لــِ 23 يناير 2015م، فشييدت
الأبراج والفنادق التي لم يسيق له مثيل وعرفت مكة والمدينة مشاريع ضخمة ووسعت الطرقات وأنجزت بنى تحتية كبرى من قنوات الصرف الصحي والجسور وغيرها من
المنشئات. ولقد جاء وصف ما هو حاصل في هذه الفترة في أحاديث صحيحة موقوفة عند
الصحابة وهو في حكم الرفع إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها ما
جاء في أخبار مكة للفاكهي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:
" إِذَا رَأَيْتَ مَكَّةَ قَدْ بُعِجَتْ كِظَامًا وَرَأَيْتَ الْبِنَاءَ قَدْ
عَلَا عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ أَظَلَّكَ "،
ولعل المتمعن في الحديث سوف يتيقن أن الزمان الذي يصفه الحديث هو هذا الذي نعيشه
لا غير، فقوله " إِذَا رَأَيْتَ مَكَّةَ قَدْ بُعِجَتْ كِظَامًا وَرَأَيْتَ الْبِنَاءَ
قَدْ عَلَا عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ "، الكِظَام وكَظَائِمَ جمع كظيمة وهي القنوات التي تربط مجرى الأبار
فيما بينها في باطن الأرض، فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن الأمر فعلا قد
إقترب.
وفي
مصنف إبن أبي شيبة عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كُنْتُ آخِذًا بِلِجَامِ دَابَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ
إِذَا هَدَمْتُمُ الْبَيْتَ، فَلَمْ تَدَعُوا حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ» , قَالُوا: وَنَحْنُ
عَلَى الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: «وَأَنْتُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟
قَالَ: «ثُمَّ يُبْنَى أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا رَأَيْتَ مَكَّةَ قَدْ بَعَجَتْ
كَظَائِمَ وَرَأَيْتَ الْبِنَاءَ يَعْلُو رُءُوسَ الْجِبَالِ فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ
قَدْ أَظَلَّكَ»، ففي عهد الملك خالد بن عبد العزيز، تمت صناعة باب جديد للكعبة
المشرفة، صممه المهندس المصري منير الجندي، وصُنع الباب من الذهب الخالص بوزن إجمالي
بلغ 280 كجم تقريباً. وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز، تم استبدال أعمدة الكعبة الخشبية
التي يعود تاريخها لأكثر من 1200 عام بأخرى جديدة من خشب "التيك" الصلب جلبت
من بورما (ميانمار)، ويتميز هذا النوع من الأخشاب بثبات شكله بعد الاستخدام ومقاومته
الشديدة للعوامل الجوية مثل الحرارة والرطوبة والماء، وذلك ضمن عملية ترميم شاملة أزيل
خلالها سقف الكعبة وأعيد بناؤه ورممت الأحجار المتآكلة ودعمت الأرضية بالرخام، وهذا ما دلّ عليه قول عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو " ثُمَّ يُبْنَى أَحْسَنَ مَا كَانَ".
الأحداث
والظواهر الإجتماعية المتعلقة بالفساد الأخلاقي
جاء في صحيح مسلم "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي سَمِعَهُ مِنْهُ «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَا، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ، وَتَبْقَى النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ»".
في
الحديث دلالة وإشارة واضحة على العزوف عن العفة وإستبدالها بطريق الفاحشة، وبتخلي
الرجال عن تحمل أعباء القوامة وهي الإنفاق، قال تعالى ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ .. ﴾ النساء (34) ، أي حتى
يصبح الرجل الواحد الصالح يقوم ويعول مقدار 50 إمرأة. وهذا الأمر ليس راجع لتناقص عدد الذكور وإزدياد
عدد الإناث فحسب كما أشار إليه الحديث من صحيح مسلم "عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ
الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنْ الذَّهَبِ ثُمَّ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا
مِنْهُ وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ
مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ"، بل أيضا هو العزوف عن
المسؤولية والقوامة كما ورد في صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ
العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ،
وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً
القَيِّمُ الوَاحِدُ»، بل كذلك هو العزوف عن الزواج والإلتجاء إلى طريق الحرام
وإفساد الأموال في طريق الإعوجاج. ولقد ظهرت في السنة الأخيرة 2016م ظاهرة تمثل أعلى قمة في الفساد والإبتعاد عن شرع
الله ما يسمى بالدمى الجنسية ، وهو أمر خطير يهدم المقاصد الظرورية للشريعة
الإسلامية " الدين والنسل والمال ". فمن جانب الدين فهي تساهم في العزوف
عن الزواج الذي يعتبر مقصدا دينيا حثنا الله عليه لإستمرار النسل ، ومن جانب النسل
فهي تساهم في العزوف عن الذرية التي هي مقصد حثنا الله عليه لإستمرار تعمير الأرض
بمن يعبد الله ولا يشرك به شيئا، أما من جهة المال فهي تساهم في إفساد المال
وإنفاقه في نشر الرذلية في المجتمع. والغريب أن هذه الظاهرة تتزامن مع زمن
المقاربة التي نتحدث عنها ، فالظاهرة أعلنت أن خرابا سيلحق بالأمة والبشرية لم
تعرفه من قبل، ولئن إستفحلت هذه الظاهرة في مجتمعاتنا فقد ذهب الرجال ولم يعد لهم
وجود لا لأنهم ماتوا فحسب بل لأنهم لم يعودوا رجالا كما أشار الحديث لذلك " وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ ".
أما فشو الزنا وشرب الخمور وتسميتها بأسماء متعددة فهو
أمر قد فات الحد، حتى ظهرت أمراض لم تكن فيمن كان قبلنا، وهو أمر مرتبط بعوامل تشجع ظهوره وإنتشاره ألا وهي نوادي القمار، ولقد عرف هذا الأمر رواجا في كل
البلدان ولكن الملاحظ وجودها المتزايد وخاصة في بلدان جزيرة العرب أي الخليج، منها
في دول الإمارات وقطر والكويت والبحرين وكلها ذات صبغة عالمية راقية!!!. ولقد
إستفحلت هذه الظاهرة مع تنامي عدد الكزينوهات المتواجدة في الأبراج، يعني مع
بدايات التطاول في البنيان وليس هذا الأمر بالخفي، بل بات معلنا ومتباهيا به على
الشبكة العنكبوتية. ولقد تزامنت هذه الآفة مع التطور السياحي لهذه البلدان ونقلا
عن موقع الرياض "وذكرت احصائيات رسمية حديثة أن مساهمة السياحة الخليجية في الناتج
المحلي الإجمالي تتراوح مابين 5-15% في دول مجلس التعاون الخليجي، كما توضح الإحصائيات
أن دول المجلس تخصص نحو 380 مليار دولار للمشاريع السياحية حتى عام 2018".
ظاهرة أخرى معبرة عن الفساد الأخلاقي في المجتمعات ظهرت
في بدايات سنة 2010م في الخليج ثم إمتدت إلى بيئتنا، مع إنتشار القنوات الفضائية
العربية ، ولاقت رواجا واسعا مع ظهور مواقع التواصل الإجتماعي، وساعدها تنامي تجارة
الملابس النسائية بشكل سريع. هذه الظاهرة عبر عنها الحديث من صحيح مسلم عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ
مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ
يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ،
رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا
يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»،
إبتدأت هذه الظاهرة في بلدان الخليج بحمل الخليجيات على رؤوسهن أسنمة تشبه سنم
الجمل، وسرعان ما إنتقلت هذه الظاهرة وقلدت من المحجبات في باقي البلدان، وأضفن
عليها لباس ملتصق شفاف يكسو الجسم لكن يبديه أي يعريه، وأضيف معه إرتداء أحذية ذات
الكعب العالي تجعل الجسم يتمايل، فتحقق ما أخبر به الصادق الأمين متزامنا تماما مع
زمن المقاربة الذي نتحدث عنه.
ولقد
أخبر الصادق الأمين أن أدهى من ذلك سيكون والمأكد أنه حاصل في بعض البلدان بإعتيار
وجود المنتزهات على مشارف الطرقات يعصى الله فيها جهارا نهارا، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ
بْنِ سهل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى
تَسَافَدُوا فِي الطَّرِيقِ تَسَافُدَ الْحَمِيرِ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟
قال: نعم ليكونن". المطالب العالية
الأحداث
والظواهر الثقافية المتعلقة بالجانب الفكري
جاء في صحيح ابن حبان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ بَعْدَ إِذْ أَعْطَاهُمُوهُ وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، يَسْتَفْتُونَهُمْ فَيُفْتُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ».
أشار الحديث إلى قبض
العلم عامة وقيض العلم الشرعي خاصة وهذا بموت علماء الأمة، حتى لا يجد الناس من
يسألوه ويستفتونه فيتخذوا من عامة الناس رؤسا جهالا، ويضعوهم موضع العلماء وهذا هو
الهلاك بعينه. ولا غرابة إذا أفسد الجاهل على الناس دينهم ودنيانهم. وما نعيشه واقعا
لا يخالف الحديث في شيئ، حيث ما نكاد نسمع عن عالم في بلد إلا نادرا، وما أن
يأتينا خبره حتى يصل إلينا نعيه أنه توفي.وقلّ ما نجد من الناس من يتحرى عن الفتوى
قبل المضي قدما في ما عزم عليه من أمر، بل صار ميول الناس لأسهل السبل بعد ماكانت
تقطع لها المسافات، ومع الإنتشار الفضيع للقنوات الفضائية من بدايات سنة
2000م كثر المتفيهقون والجهلة ، وإنشطرت
الأمة بين معبري الرؤى ومشعودي الرقى، وحلّ في وسائل الإعلام الرويبضة، كما جاء في
المستدرك للحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ جَدِعَاتٌ يُصَدَّقُ
فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ،
وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهِمُ الرُّوَيْبِضَةُ» قِيلَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ
الْعَامَّةِ»، وما أكثرهم في القنوات الفضائية فعددهم لا يكاد يحصى، ومع التقدم
الإعلامي وإنتشار التسجيلات المرئية باتت أصواتهم مغردة في كل آن وحين.
وما
وصلنا إليه معبر حقيقة عن ظاهرة بداية رفع العلم، التي تتزامن مع ظاهرة فشو
الكنابة في المدونات التي كانت في بدايتها في سنة 2002م وغيرها من مواقع التواصل
الإجتماعي، والتي تتزامن أيضا مع الأزمة الإقتصادية العالمية لسنة 2008م حيث جعل
الناس تسحب أموالها من البنوك بدرجة أنها
أربكت إقتصاد العالم بأسره، كما تتزامن مع إنهيار سوق البترول العالمي في بدايات 2014م،
وتتزامن أيضا مع فشو التجارة العالمية وإكتساحها بالمنتوجات الصينية خلال نفس
الفترة.
هذا التزامن أتى مطابقا لوصف المصطفى الأمين لما أخرجه النسائي في باب البيوع لِابْنِ اَلْمُبَارَكِ "عَنْ اِبْنِ فَضَالَةَ عَنْ اَلْحَسَنِ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تَقُومُ اَلسَّاعَةُ حَتَّى يُرْفَعَ اَلْعِلْمُ, وَيُقْبَضَ اَلْمَالُ, وَيَظْهَرُ اَلْقَلَمُ, وَتَكْثُرُ اَلتِّجَارَةُ » قَالَ اَلْحَسَنُ: لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ, إِنَّمَا يُقَالُ تَاجِرُ بَنِي فُلَانٍ, وَكَاتِبُ بَنِي فُلَانٍ, مَا يَكُونُ فِي اَلْحَيِّ إِلَّا اَلتَّاجِرُ اَلْوَاحِدُ, أَوْ اَلْكَاتِبُ اَلْوَاحِدُ".
الرجاء عد الإساءة في التعليقات، فالله يسمع ويرى خارج الموضوع تحويل الاكواد إخفاء الابتسامات إخفاء