pregnancy

دراسة إستراتيجية إستشرافية لوقائع مرحلة الخلافة النبوية الآخرة في ضوء الوحيين والتحليل البيئي للواقع

عن المدونة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ" ، " يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً "، " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنوبَكُمْ وَمَن يُطعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " . اللهم صل على محمد عدد ما ذكره الذاكرون، وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون.
أما بعد: فإن ما شهدته وما تشهده الأمة الإسلامية في هذا العالم من حوادث ومجريات وما ستشهده، لم ولن يقع صدفة ولا خبط عشواء، وإنما وقع وحدث، وفق قوانين ثابتة سنها الله تعالى في ترتيب تسلسلي زمني دقيق، وسيستمر حدوث هذه الوقائع ضمن هذه السلسلة وفق نفس القوانين لكن بأحداث لم تشهد البشرية مثلها من قبل. 
إن دراسة تاريخ الأمم والحضارات لجدير بالإهتمام والمتابعة ، وإن دراسة ماضي وحاضر ومستقبل أمتنا الإسلامية التي بيّنه الله في القرآن الكريم  وبيّنه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أحاديثه الشريفة الصحيحة لجدير بالبحث والفهم من باب أولى.
بل إن توجيه الدراسة لأحداث حاضر ومستقبل أمة إسلام في ضوء الوحيين، أمة الشهادة والإنذار والبشارة والبيان، وفهم هذه الأحداث بترتيبها التسلسلي في محور الحياة الزمني، من الأمور المهمة جداً التي لا يجب أن يغفل عنها عاقل، لأنها ستبصرنا نحن كمسلمين بتحديد المرحلة الزمنية التي نعيشها الآن، وبالتالي تحليل بيئي لواقعنا بشكل دقيق، ومن ثَم ستوجهنا بكيفية السلوك الصحيح في مرحلتنا القادمة والأخيرة . ولأنها ستساعدنا نحن كمؤمنين على وضع خطط إستراتيجية وبرامج عملية، وإتخاذ قرارات مصيرية صائبة تعيننا على تجاوز الفتن والبلايا التي ستصيب أمتنا في قابل أعوامها من مرحلتها الأخيرة، بدفع أغلب المفاسد أوتقليلها وجلب أكثر مصالح أوتكميلها. هذا وحتى نتعلم معنى "العدة" و"الاستعداد"، ولا تقع الأمة أفرادا وجماعات في طول الأمل والغرور والأماني الكاذبة، وبذلك تنجو ممّا حذّرها الله منه، وتظفر بما وعدها الله به.
أشهد الله تعالى وكفى به شهيدا، أني لا إريد بهذه الدراسة إلا خدمة المسلمين بكافة طوائفهم، وتوحيد صفهم وكلمتهم، وتنبيههم لما فيه صالحهم في الدارين.  وإني فيكم كمؤمن كتم إيمانه، يبذل النصح لنفسه وأهله وإخوانه، من خلال ما جاد الله عليه من نظرٍ وبحثٍ متواصلٍ في كتابه وسنة رسوله المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وإستقراءاً لما مر ماضيا ويمر حاضرا على الأمة الإسلامية من أحاداث، وإستشرافا من أحاديث نبي آخر الزمان الصحيحة ما ستعيشه الأمة الإسلامية مستقبلا. فإن جانب بحثي هذا الصواب فردوه علي، وما أنا عليكم بوكيل. وإن صدقني الله في هذه الدراسة كان خيرا يعم المسلمين جميعا وبالله التوفيق. قال الله تعالى: " وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ"
كذا إن تقديم هذه الدراسة ليس من قبيل الترف العقلي أو لغرض التأليف العلمي النظري البحث، وإنما هو بحث عملي وُضِع لكافة طوائف المسلمين في أي مكان وجدوا، أفرادا كانوا أوجماعات، لأجل حفظ مصالحهم أوتكميلها ، وبدرء المفاسد عنهم أو تقليلها ما أمكن إلى ذلك سبيلا، في قابل أعوامهم من المرحلة الأخيرة كما أخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرحلة الخلافة على منهاج النبوة.
وليس الغرض من هذا الكتاب إستخلاص حكاية تحكى للناشئة عند الخلود للنوم، أو قصة تروى للأجيال القادمة في المسارح ودور السنما، بل هي بعض حقائق الإسلام وبشاراته مما يجب على المسلمين معرفتها ودراستها وتعليمها لعموم الأمة أفرادا وجماعات من علم الغيبيات التي أطلعنا الله عليها في كتابه، والمتعلقة بمستقبل البشرية عموما، وبأمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خصوصا. قال تعالى: " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ". هذه الغيبيات المتعلقة بمصير هذه الأمة وما ستعايشه من أحاث كبرى مصيرية ،كان قد أطلع الله عليها رسوله، فأخبرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه، فعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:  " لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا ذَكَرَهُ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرَى الشَّيْءَ قَدْ نَسِيتُ فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ " . ثم أمر ببيانها لأمته لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، حَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ ". 
وما كان هذا البيان التسلسلي لهذه الأحداث إلى قيام الساعة من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمته إلا ليجعلوها محركاً ودافعاً لنفوسهم، للعمل الجدّي الفردي والجاعي الصحيح الدؤوب الصامت، وفقاً لمقتضيات سنن الله في التغيير من السيىء إلى الحسن، ومن حياة الذل إلى حياة العز مصداقا لقوله تعالى:  " لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ "، وما كان ليبينه لنا ﻷهميته في إعادة التجديد في أمته والإستعداد لمرحلة ليس كما وصفت لنا بأنها مرحلة إنتصارات، بقدر ما فيها من الفتن والإبتلاءت ، فوجود هذا الكم الهائل من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام لدلالة واضحة على أن استقراء الماضي ودراسة الواقع ومحاولة إستشراف مستقبل الأمة ليس ضربا من محاولة لمعرفة الغيب، لكنه محاولة جريئة لإيقاض بعض النفوس وإلى إعطاء صورة حقيقية من خلال قراءة جدية في ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام.
 الحق أن الأمر ستسبقه أمورا جللا، يظل فيها الحليم حيران،  وستنشق الأمة إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه حتى يخرج الدجال. إن الأمة قد عجزت بما لديها من تحقيق وحدتها من مائة عام ولم تستطع أن تتوحد أو أن يخرج من يوحد ويلم شملها، بل بات من يدعي أن الخلافة ليست مطلبا شرعيا وهذا هو والله قمة الهوان الذي وصلنا إليه. وعجزت الأمة قاطبة من تحقيق هذا الهدف السامي، ووالله ما وجد هذا الإدعاء بيننا إلا لأننا عجزنا عن تحقيقه، وﻷننا جرينا وراء حلول جزئية،  كل في قطره نكرس ما مارسه الإستحمار فينا من تكريس الفرقة من خلال الخيوط الوهمية التي تربط كل قطر بما يحاديه. وها هو يمارس العملية من جديد من خلال إيجاد خطوطا وهمية أخرى ومشروعه في نجاح مستمر والواقع يؤكده.  
الأمة في هذا الزمان لا يمكن أن تتوحد بنفس الطرق التي طرحت من قبل ولم تجدي نفعا، ﻷننا في زمان كل يريد إثبات أنه الرائد والقائد، وأن تجربته هي المرجعية في كل آن وحين. الكل ينسب الخطأ لغيره والكل يرى الصواب من وجهة نظره. والظن ولله العلم، أن أغلب الأطروحات يجب أن يضاف إليها شيئا جديدا والذي بات رئيسيا وهو قانون الوحدة والإجتماع على قلب رجل. إن الأمة تنتظر شيئا جديدا وتريد تجديدا جذريا، وإن جلّ الأطروحات باتت لا تجدي نفعا وقد جربت عقدا من الزمن والواقع لخير دليل على ذلك. .فالكل منشغل بهمومه والكل باق في تنظيره ونظرياته ولا يمكن أن تتحقق هذه النظريات مهما بلغت تجربتها من نجاح إلا بوحدة المسلمين والإجتماع على الكلمة تحت راية واحدة، وحدة تحت قلب رجل واحد تجتمع عليه الأمة شعوبا وقبائل، أفرادا وجماعات، علماء ودعاة وعواما. إنّ الوعاء الذي يحمل ويحمي هذه الأفكار يجب أن يكون موجودا، فهل يا ترى هل يكون قد إقترب زمان الوحدة والإصطفاف تحت راية واحدة؟؟ وإن كان هذا زمانه فهل نحن مستعدون لهذه المرحلة وماذا أعددنا لها ؟؟ الأمة تتمزق يوما بعد يوم وبات جليا إعادة النظر فيما نطرحه من حلول في هذا الزمان الذي نعيشه بإعطاء حلولا حقيقية تنسجم مع الواقع ومتطلبات هذه المرحلة الإنتقالية من الحكم الجبري إلى حكم الخلافة النبوية المهدية.
وفي الأخير، أود أن أذكر بمقولة العماد الأصفهاني التي ذكرها القنوجي، لا كمبرر ومشجب أعلق عليه أخطائي، لكن كحقيقة واعتراف بالتقصير والقصور البشري. جاء في أبجد العلوم: " وذلك أني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر"
وإنما هي مقاربة محل إجتهاد ويؤخذ منه ويرد، ولله علم غيب السماوات والأرض

الرجاء عد الإساءة في التعليقات، فالله يسمع ويرى خارج الموضوع تحويل الاكواد إخفاء الابتسامات إخفاء

شكرا لتعليقك